النوافل أو صلاة التطوع
التطوع في الأصل: فعل الطاعة. وفي الشرع: طاعة غير واجبة.
وحكمها: أنه يثاب على فعلها ولا يعاقب على تركها.
والنوافل جمع نافلة، والنفل والنافلة في اللغة: الزيادة.
والتنفل: التطوع، وشرعاً: عبارة عن فعل مشروع ليس بفرض ولا واجب ولا
مسنون.
وأفضل عبادات البدن: الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" رواه أحمد.
النوافل عند الحنفية:
ذهب الحنفية إلى تقسيم النوافل إلى قسمين: مسنونة ومندوبة.
والسنة: هي المؤكدة التي واظب الرسول صلى الله عليه وسلم على أدائها، ولم يتركها إلا نادراً، إشعاراً بعدم فرضيتها.
والمندوب: هو السنة غير المؤكدة التي فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم أحياناً وتركها أحياناً.
القسم الأول: السنن المؤكدة عند الحنفية:
ركعتان قبل صلاة الفجر (الصبح)، وهما آكد (أقوى) السنن، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" رواه مسلم.
وبناء عليه قالوا: لا يجوز أن يؤديهما قاعداً أو راكباً بدون عذر. ولا يقضى شيء من السنن سوى سنة الفجر، إذا فاتت معه، وقضاه من يومه قبل الزوال، فإن صلى الفرض وحده، لا يقضيان. ووقتهما وقت صلاة الصبح. والسنة أن يقرأ في أولاهما سورة الكافرون، وفي الثانية: الإخلاص. وأن يصليهما في بيته في أول الوقت. وإذا قامت صلاة الجماعة لفرض الصبح قبل أن يصليهما: فإن أمكنه إدراكها بعد صلاتهما ولو في الركعة الثانية، فعل، وإلا تركهما، وأدرك الجماعة، ولا يقضيهما بعد ذلك. والإسفار بسنة الفجر أفضل.
أربع ركعات قبل صلاة الظهر أو قبل الجمعة، بتسليمة واحدة، لحديث عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعاً قبل الظهر، وركعتين قبل الغداة" رواه البخاري أي سنة الفجر. وهذه آكد السنن بعد سنة الفجر، ثم الباقي سواء.
ركعتان بعد الظهر، ويندب أن يضم لها ركعتين، وأربع بعد الجمعة بتسليمة واحدة، لقوله صلى الله عليه وسلم بالنسبة للظهر: "من صلى أربع رَكَعات قبل الظهر، وأربعاً بعدها، حرَّمه الله على النار" رواه الترمذي وأبو داود.
ركعتان بعد المغرب: ويسن إطالة القراءة فيهما.
ركعتان بعد فرض العشاء: والدليل على تأكد هذه السنن قوله صلى الله عليه وسلم: "من صلَّى في يوم وليلة ثِنْتَي عشرة ركعة سوى المكتوبة بنى الله له بيتاً في الجنة".
صلاة التراويح: التراويح سنة مؤكدة للرجال والنساء لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين عليها، ويسن فيها الجماعة، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها جماعة في رمضان في ليالي الثالث والخامس والسابع والعشرين، ثم لم يتابع خشية أن تفرض على المسلمين، وكان يصلي بهم ثمان ركعات، ويكملون باقيها في بيوتهم، فكان يسمع لهم أزيز كأزيز النحل. رواه البخاري ومسلم.
ووقتها: في رمضان بعد صلاة العشاء إلى الفجر، قبل الوتر وبعده. ويستحب تأخيرها إلى ثلث الليل أو نصفه، ولا تكره بعده. ولا تقضى عندهم إذا فاتت أصلاً، فإن قضاها، كانت نفلاً مستحباً، وليس بتراويح، كسنة مغرب وعشاء، لأن القضاء من خصائص الواجبات كالوتر والعيدين.
والجماعة فيها سنة على الكفاية، فلو تركها أهل مسجد أثموا، وكل ما شرع بجماعة، فالمسجد فيه أفضل، والمتخلف عن الجماعة إذا أقامها البعض تارك للفضيلة، لأن أفراد الصحابة روي عنهم التخلف.
وتؤدى أيضاً فرادى، والأفضل فيها الجماعة، ويسن أن يختم فيها القرآن كله مرة خلال شهر رمضان. وإذا مل الناس سن قراءة ما تيسر من القرآن بقدر ما لا يثقل عليهم، كآية طويلة أو ثلاث قصار، ولا يكره الاقتصار على آية أو آيتين، بشرط الترتيل، والاطمئنان في الركوع والسجود مع التسبيح، ولا يترك دعاء الثناء والتعوذ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل تشهد.
وعدد ركعاتها عشرون ركعة، تؤدى ركعتين ركعتين، يجلس بينهما، مقدار الترويحة، بعشر تسليمات ثم يوتر بعدها، ولا يصلى الوتر بجماعة في غير شهر رمضان. ودليلهم على العدد فعل عمر رضي الله عنه كما أخرج مسلم في صحيحه، حيث إنه جمع الناس أخيراً على هذا العدد في المسجد، ووافقه الصحابة بعد ذلك، ولم يخالفهم بعد الراشدين مخالف. وقد سئل أبو حنيفة عما فعله عمر رضي الله عنه فقال: التراويح سنة مؤكدة، ولم يتخرجه عمر من تلقاء نفسه، ولم يكن فيه مبتدعاً، ولم يأمر به إلا عن أصل لديه، وعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم.